يوتشيها ساسكي عضو نشيط
عدد الرسائل : 119 العمر : 44 تاريخ التسجيل : 30/06/2009
| موضوع: صديقي الرقيق.. الجزء الأخير الأحد يوليو 19, 2009 9:14 pm | |
| ]ظنوني قلما تخيب و مثل هؤلاء متخصصون في المكر و الخديعة و لن يأخذ صديقي معهم حقا و لا باطلا فقلت محاولا إنقاذ ما يمكن إنقاذه :- فلنجر اتفاقا يريحنا جميعا
قالت :- و ما هو
قلت:- رغم أنه ظالم له ، فلنذهب للجواهرجي لبيع الشبكة و تكون بينكما مناصفة و يذهب كل منكما لحاله.
قالت:- مر علي غدا بعدما أشاور أهلي
ذهبت لصديقي و أخبرته بما فعلته فإذا عيناه تدمعان فقلت بحسرة:- علام تبكي
قال:- تعلق قلبي بها و راودني الأمل في أن تكون لي نعم الزوجة و الرفيقة
قلت:- كشرت عن أنياب الغدر فلا مناص من أن تلوح بمخالب القطيعة و الهجران
قال و قلبه يتقطع :- انظر لهذه الهدايا
نظرت لبعض الدباديب و المصاحف و المشغولات اليدوية البسيطة فاستطرد:- كل هذا كان لها
قلت:- ستجد من تليق بك
قال:- هناك أنواع من الحب تؤدي للجنون
قلت ناصحا:- مشكلتك أنك رقيق صافي النفس و هناك أنماط من البشر لا يصلح أن تتعامل معها بهذه الطريقة .. عموما لقد أخذت خبرة جيدة.
في صباح اليوم التالي بعد موافقته و هو يتعذب مررت على خطيبته لأعلم بموافقتها فتوجهنا بعد ذلك بيومين لجواهرجي بعنا عنده الشبكة – بحضورها طبعا- و ذهب كل منهما لحال سبيله.. شيعها بنظرات حب فشيعته بنظرات استخفاف و استهتار فقلت لنفسي :- أي قلب حقير هذا
عدنا إلى منزله فوجدنا الحزن يسكن جنبات الأم حتى بدت أكبر مما هي عليه بعشرة أعوام.. قالت:- ماذا فعل ابني ليستحق هذا
قلت حازما:- كان لابد من فعل ذلك مع أمثال هؤلاء
قال صديقي:- سأمكث وقتا طويلا لأنسى
قلت:- سمي الإنسان إنسانا لنسيانه.
ثم التقطت نفسا عميقا مستطردا:-
و من الشقاوة أن تحب و من تحب يحب غيرك
أو أن تريد الخير للإنسان و هو يريد ضيرك
قال صديقي و دموع أمه تسيل:- دائما تتمثل بأبيات الشافعي
قلت واضعا يدي على كتفه:- كان حجة في حكمته .
مرت ستة أشهر على هذه الحكاية و حالة الأم تزداد سوءا حتى لم تعد تعرف أحيانا ابنها فألححت عليه أن يتزوج خوفا من المصاب الجلل فقال:- لا أستطيع أن أصدق أن هذا قد يحدث .
قلت:- لا تفقد إيمانك بالخالق
علمت من بعض أصدقائي أن له شقيقة غاية في الجمال و لما كان صديقي عاشقا للجمال ذهبت إليه فإذا الأمل يراوده ويقول:- آتي معك ريثما تتفق معه.
ذهبنا لرؤية العروس فإذا هي فلقة قمر و كنت متوقعا هذا نظرا لوسامة شقيقها الشديدة .. تمت إجراءات الخطبة للمرة الثانية
ومما سهل الأمرأن أهل العروس كانوا في مستوى مادي مقارب لصديقي العزيز .
سارت الأمور على ما يرام و قلت إن القدر ابتسم أخيرا لصديقي العزيز و ذات يوم جاءتني مكالمة هاتفية من شقيق خطيبته قال لي فيها:- هناك أمر ملح قابلني في قهوة (.....)
قابلته فأخبرني بأن أخته تضيق ذرعا بتلهف صديقي العزيز عليها و محادثتها إياه بالساعات عبر الهاتف الأرضي .
قلت له:- ألا تحبه
قال:- إنها تحبه حقا و لكن إن استمر الأمر على هذا النحو سيفتر حبها و سيتحول إلى بركان خامد .
قلت :- إذا هي من نوع الفتيات التي تحب أن ترى زوجها قوي الشكيمة صارما جادا .
قال و هو يغادر:- فقط أعلمه بالأمر أنا محرج منه أنا و أختي .
ذهبت إليه في المنزل فلم أجده فقصدت محل الهدايا الذي يرتاده الفينة بعد الفينة فوجدته ينتقي أحد الدباديب .
قلت له :- عواطفك المتأججة ستدمرك
قال متسائلا:- ما الخطب
قلت:- اشتر الدبدوب أولا
اشتراه و خرجنا لنجلس على القهوة فأخبرته بما كان من شقيق خطيبته فقال بصدق:- و الله لا أملك السيطرة على عواطفي فأنا رقيق المشاعر .
قلت مغتاظا:- كن رجلا و امتلك زمام نفسك
قال:- قلبي هو الذي يحركني
قلت :- سيحل بك الخراب فانظر في أمرك
ما هي إلا أيام و أعادت الفتاة الشبكة لصديقي معلمة إياه بأن هذا الأسلوب يضايقها و لا ترتضيه و أن كل شيء قسمة و نصيب .. ذهبت إلى منزل الفتاة و شقيقها – الذي هو صديقي – فوجدت الأمور مشتعلة في المنزل .. الأخ غاضب و الأبوان في حالة ثورة و الفتاة تعاند بشدة فلمحت منهم استسلاما للواقع فغادرتهم متلاطفا معهم عائدا الى صديقي قائلا :- انتهى الأمر
قال و العذاب يقطع أوصاله :- اجتمعت مصيبتان الفراق و اشتداد المرض
قلت جزعا :- أمك
قال مكروبا:- في العناية المركزة
قلت لنفسي لا شك أنها ماتت كمدا بعدما وجدت ابنها يعاني هذه المعاناة رغم طيبة قلبه و صفاء نفسه .. ذهبنا للعناية المركزة و انتظرنا خارجا بالساعات ليصلنا الخبر المحزن حاملا في طياته الحقيقة المطلقة .. ظللت معه حتى تمت إجراءات الدفن و مكثت معه أياما إلى أن خلا المنزل من المعزين القادمين من الريف .
قلت له:- أستعود لأعمامك
قال ساخرا:- أبعد ما فعلوه
قلت:- الدم لا يتحول لماء
قال :- وإن يكن
لمحت فيه حزنا لم ألحظه عليه من قبل و أوغل في الحزن حتى بلغ غاية العذاب و توالدت الأشجان في نفسه كما تتوالد الحشرات في البركة الآسنة فأشفقت عليه و ذهبت لزيارته فإذا به ينسق الهدايا التي كان يحضرها لخطيبتيه السابقتين فيضع الدباديب على الأرائك و الأرانب على التلفاز في نسق بديع.
قلت مخففا عنه:- الذنب ليس ذنبك إنه قدرك أن تلاقي فتيات لا يناسبنك
قال ناظرا لصورة أمه :- أفتقدها كثيرا
قلت:- كانت نعم الأم
قال:- ما رأيك في ترتيب الدباديب و الأرانب
أيقنت أن حالته النفسية سيئة فقلت:- هون عليك فحالتك لا تحتمل
قال و هو يضحك بجذل:- إنها رائعة
ثم انقلبت ملامحه على نحو مباغت للنقيض فاستطرد و هو يكاد يبكي:-أحس أن حالتي النفسية غير مستقرة لذلك أريد أن أبتعد عن هذا المكان الذي شهدت فيه معاناة لم أشهدها من قبل .
قلت:- أستترك المكان.
قال:- لا و لكني سأؤجر شقة في السادس من أكتوبر قرابة مكان عملي حتى يتسنى لي النسيان.
قلت:- كم ستمكث هناك
قال:- إلى ما يشاء الله
أعطاني مفتاح شقته مستأمننا إياي عليها و احتضنني بشدة يوم مغادرته قائلا:- اهتم بالشقة و حاذر من أن تسرق
قلت:- لا تقلق
ذهب صديقي و استأجر شقة قرابة مقر عمله لم أعلم مكانها .. الأدهى من ذلك أنه غير رقم هاتفه المحمول فذهبت الى شركته أسأل عنه فعلمت أنه ترك الشركة و لم يخبرهم إلى أي شركة ذهب ..حاولت استقصاء أخباره فلم أفلح.. أتراه نسي المكان بكل ما فيه و من فيه و سافر إلى الخليج أو إلى أوروبا .. ظلت تلك الأسئلة تحيرني و تؤرقني و كلما زاد اشتياقي إليه أذهب إلى الشقة أطالع الدباديب التي كستها طبقة عالية من الغبار فطمست بعض ملامحها ومرت سنوات عدة لم أره فيها وهاأنذا أنتظره بكل شوق ليرى زهرة و علياء- الأخيرة سميتها باسم أمه- اللتان أنجبتهما من زوجة تماثله في رقة طباعه و نبل مشاعره. NMF | |
|