[size=18]ور ur (حالياً المقير) مدينة النور و الحضارة من اقدم المدن في العراق القديم. كانت بلدة زراعية في عصر العبيد (4000ق.م.) قبل ان يستوطن فيها السومريون بين (3500- 1850ق.م.) . و تعني اور لدى السومريين مدينة
النور .(1) كما ذكرت في العهد القديم المقدس اي التوراة بأسم (اور الكلدانية) باعتبارها موطن ابي الانبياء ابراهام (ابراهيم) الذي نشأ فيها ثم هاجر مع عائلته الى بلاد كنعان (سوريا) . و جاء في اعمال الرسل المباركة (8 : 4) " ان ابراهام ضعن في ارض الكلدان و ذهب ليسكن في حران " . و يعتقد ان ذلك حدث في حدود عام (1850ق.م.) لعله عام سقوط مملكة اور حسبما تشير الى ذلك المصادر اليهودية او في عام (1650ق.م.) كما يشير الى ذلك اطلس اكسفورد للتاريخ القديم . ما يدلل على ان مدينة اور كانت متقدمة حضارياً في العالم القديم لأنها انجبت الانسان الذي عرف الله بأنه الخالق الوحيد .
و ربما كان ابراهام احد احفاد النبي نوح الذي كان في مدينة شروباك القريبة الى أور باسم زيو سودرا او اوتانبشتي ** في زمن الطوفان الذي وجدت اثاره في اور و غيرها من مدن سهل شنعار و الذي يكون قد حدث نحو (3000ق.م.) (2). نشأت أور قريبة من نهر الفرات و من خطوط المواصلات التي تجتاز صحراء كنعان . اذ كان نهر الفرات في الألف الثالثة قبل الميلاد يمر بجانب مدينة أور ، و هناك رقم طينية تتحدث عن ان اور كانت تستخدم القوارب لنقل البضائع شمالاً و جنوباً الى الخليج (البحر المر) و كانت اور احدى مراكز تجميع الحاصلات الزراعية و مصنوعات الفخار و المعادن كالنحاس و القصدير .
كما أشارت بعض الرقم السومرية ان لأور ميناء تجري فيه السفن و القوارب متجهة الى البحر الاسفل و كان الفرات و دجلة يصبان منفصلين في الخليج . اما الان فتبعد أور غرباً عن الفرات زهاء (12كم) و تبعد عن مدينة الناصرية قرابة (15كم) مركز محافظة ذي قار المسماة بأسم أرض اور . حكم في هذه المدينة ثلاث سلالات ملكية عرفنا الشئ الكثير عن حياتهم بعد اكتشاف المقبرة الملكية في اور بكنوزها و ادواتها المنزلية و قيثاراتها و فنونها و أثاثها المأتمي و تماثيلها الصغيرة و اختام الملوك الاسطوانية . و عرفنا ان الملكة شبعاد shab-ad قد حكمت مملكة أور في حدود (2600ق.م.) و التي وجدت حليها و مجوهراتها في المقبرة الملكية الواسعة التي تعود معظمها الى هذه الفترة و التي احتوت على " حلى ذهبية لعلها الأقدم في بلاد الرافدين و مصاغات فضية و بعض الاحجار الكريمة مما يظهر ثروة أور بالإميليالى صناعة المجوهرات التي بدأت في هذه الفترة السحيقة من الزمن . و كانت الملكة شبعاد قد دفنت مع حاشيتها و مجوهراتها و ادوات الزينة و ادوات موسيقية تعود اليها . و كانت شبعاد ممددة في مدفنها الى جانب الملك ، و يعتقد ان التقاليد في تلك المدينة و في تلك الفترة تشير انه عند وفاة الملك فأن زوجته و حاشيتها يدفنون معه احياء وذلك من اجل استمرار تقديم الخدمة للملك في العالم السفلي "(3) . و لعل مصدر قصة دفن حاشية الملك احياء عند وفاة الملك قد ذكرت في قصة الف ليلة و ليلة . و من بين المكتشفات الآخرى في المقبرة الملكية حلى صدفية منحوتة مع رسوم فسيفسائية إميليالى الاختام الأسطوانية ما يدلل على مظاهر حضارية متميزة في تقاليد الملوك في بلاد الرافدين . و حكمت سلالة اور الاولى مدينة اور و ما جاورها من مدن مثل اريدو و لارسا ووصل
*أور الكلدانية التي ولد و نشأ فيها النبي ابراهيم هي غير قرية اور قرب حران كما تدعى بذلك المصادر اليهودية الحديثة .
** القراءة الجديدة لأسم اوتانشتم (انظر ملحمة كلكامش ترجمة و تحرير اندرو جورج 1999 بالانكليزية)
نفوذ حكم ملوكها الى مدينة كيش قرب باب ايلو (بابل). و برز من ملوكها الملك لوكال زاكيزي الذي حكم بلاد سومر بأكملها في الفترة (2400 – 2371 ق.م.) . أعقب ذلك سيطرة اقوام لعلهم الفراتيون العراقيون الذين سموا بالاكديين بقيادة سرجون الاكدي (2371 – 2316 ق.م.) الذي انطلق من عاصمته اكد او اكده في وسط العراق و استطاع ان يدحر الدويلات السومرية الواحدة تلو الآخرى حتى وصل مملكة اور فحاصرها فترة قصيرة حتى سقطت بيديه و بعد ان سيطر على بلاد ما بين النهرين زحف شمالاً و شرقاً حتى وصل البحر الاعلى (المتوسط) و سمى سرجون نفسه ملك سومر و أكد و ملك الجهات الاربع . ثم تلى فترة الاكديين غزو القبائل الكوتية للعراق الذي قدموا من خلف جبال زاكروس و احتلوا معظم شمال شرق العراق في الاعوام (2330 – 2120ق.م.) و جعلوا مدينة كاسور الاكدية التي تبعد (20كم) عن ارابخا (كركوك)، عاصمة لهم و سموها (نوزي او نوزو) و كانت نهاية الغزاة الكوتيين على يد الأمير السومري (اوتو – خيكال) امير مملكة اوروك الذي ثار على الكوتيين و جمع جيشاً عراقياً من المدن السومرية و هاجم عاصمتهم نوزي في زمن ملكهم (تريكان) و استطاع جيشه ان يدحر الكوتيين الذي فروا باتجاه الجبال عام (2114ق.م.) . و قد أسس الملك اوتو – خيكال سلالة اوروك الخامسة (2114 -1220 ق.م.) و أصبحت مملكة أور تابعة له ، لكن امير مملكة أور (اور – نمو) ثار عليه بعد ان تحالف مع الدويلات القريبة من مملكته ، و استولى على بقية المدن السومرية بالتتابع بما فيها أوروك ، و أسس سلالة سومرية جديدة في المملكة هي سلالة اور الثالثة (2111 – 2003ق.م.) و تبعه في الحكم ابنه شولكي ثم حفيده امر –سين و بعده جاء شو – سين و آخرهم ابي – سين . و كان الملك الشهير اورنمو قد بسط سيطرته اخيراً في عهده و خصوصاً بعد ان أقام العدل و أصدر تشريعات قانونية لتأمين الاحوال الأقتصادية و الاجتماعية و بذلك تعد أول قوانين سنت في العراق القديم و ربما في العالم بأسره (2111 – 2094ق.م.) . و قد احتوت شريعة اورنمو على (31) مادة قانونية ، كما ضمت مقدمة هذه الشريعة بما يشبه اصول القوانين الحديثة التي تتحدث عن مبررات اصدار ذلك التشريع . و مما جاء فيها ما يتعلق بالتجارة البحرية نصها : " بأنها يجب ان تكون خاصة لمراقبي الملاحة " . و أشارت المادة السادسة مثلاً انه " اذا طلق الرجل زوجته الأصلية ، عليه ان يدفع لها ( مناً ) من الفضة " (4) . و هذه القوانين العراقية الأولى تسبق قوانين (لبت – عشتار) ملك أيسن بقرن من الزمن تقريباً كما تسبق قوانين اشنونا بقرن و نصف تقريباً و تسبق ايضاً حمورابي بثلاثة قرون تقريباً . و كان الملك اورنمو قد اتخذ لقباً سياسياً و هو ملك سومر و أكد إميليالى لقب الامبراطور العراقي الأول سرجون الأكدي ( ملك الجهات الأربع ) . و قد تميز عهده و عهد احفاده بأحياء الثقافة و التراث السومري ن حيث خلفوا لنا نتاجا حضاريا وجد في الكتابات المسمارية التي دونت على رقم عثر عليها في مكتبة سبار ، كما سجل اعماله على مسلة حجرية وثقت منجزاته و حروبه التي قام بها و هي محفوظة في جامعة بنسلفينيا في امريكا . و كان اورنمو قد شرع ببناء زقورة ضخمة اكملها ابنه الملك شولكي فيما بعد و هي " ذات ثلاث طبقات مبنية من اللبن ( الطابوق غير المفخور) المغلف بطابوق مفخور مغمس بالزفت ، و هي تشبه هرماً مدرجاً ، و في قمة الزقورة معبد مقدس ، هو عند اهالي اور يعتبر حجرة نوم الالهة نانا (سين) الهة القمر ، و هي الالهة الحامية لمدينة اور و ملكتها السماوية . اما ابعاد الزقورة او المصطبة المدرجة ،