الرسائل الحزينة
الرسالة الأولى بتاريخ 25\2\1990
صدقني يا سيدي أنا صادقة في كل كلمة أبثها إليك فأنا لا أريد إلا أن أشهد شخصا على جريمتي الشنعاء التي ارتكبتها..
أحببت علي بكل مشاعر الحب و الصدق و الغرام و أحبني هو كذلك.. تقابلنا في العام الأول من دراستنا في كلية التجارة داخل أحد المدرجات المهترئة التي تزخر بها جامعات مصر و عرفنا وقتها أن الحب قد سلك طريقه إلى قلبينا .. سرنا في نهر الحب ننهل من معينه بكل جوارحنا و كانت الأحلام الوردية تتبدى لنا و كأننا في المدينة الفاضلة .. عندما تخرج علي بدأ يدرك قسوة الواقع الذي نحيا فيه .. فرص العمل محدودة للغاية و لا يمكنك أن تعمل إلا بواسطة فإذا وجدت عملا فإنه يكون عملا هامشيا محدودا لا تقدر من ميزانيته أن تنفق على أسرة.
قال لي وقتها:- أحس باليأس
أجبته بأمل:- لا تقنط من رحمة الله
قال :- لا أدري ماذا أفعل ، أبعد كل سنوات التعليم لا أجد عملا شريفا يكون أسرة
قلت:- هذا حال البلد بأسرها لا حالك أنت فقط
قال:- أخشى أن تتزوجي رغما عنك
أطرقت لحظتها إلى الأرض بوجوم قائلة :- يتقدم إلي الكثيرون و لا أدري ماذا ألإعل مع والداي و إلى متى يستمر الرفض و الإباء
قال مسرعا:- سأحاول أن أجد عملا بأي طريقة يا عزيزتي .
دارت الأيام دورتها و علي يكافح للحصول على عمل.. دار في ضواحي القاهرة بحثا عن العمل الذي يرتضيه و يطمح إليه و عندما وجد عملا شريفا و مناسبا كنت قد تزوجت .. تراكمت علي الضغوط النفسية و الأسرية فقطعت صلتي به و تزوجت..
لم أنس علي إلا أنني عشت مع زوجي – الذي خدعت فيه- في أسى و عذاب لا ينقطعان .. عندما علم علي بزواجي أرسل إلي رسالة فحواها أنه سيستمر بعمله عل الزمان ينسيه الأحزان المتراكمة عليه و أنه سيرفض الزواج طالما ظل حبي مسيطرا على قلبه و وجدانه .. في المقابل يا سيدي فوجئت بأن زوجي يخونني و فوجىء هو بأن زواجي منه لم يكن ينطوي على أي حب فانتهز الفرصة و جاهر بخيانته لي
و استمر في غيه و مجونه حتى يئست منه .. صدقني يا سيدي طلبت منه الطلاق مرارا فرفض إمعانا في ذلي فاستقر عقلي على خطة شيطانية للخلاص منه ..
اتجهت إلى أحد مناطق مصر القديمة بناء على توصية شخص من شياطين الإنس قاصدة شخصا بذاته تخصص في حل جميع المشاكل بأي طريقة و كله بثمنه ..
أعطيته ثلاثون ألف جنيه ليقتل زوجي فطلب الطماع أربعين فوافقت معطية إياه نصف المبلغ مقدما و الباقي بعد العملية .. كان زوجي يعمل مهندسا مرموقا في أحد الشركات
بالعاشر من رمضان و كان يستيقظ مبكرا جدا في السادسة حتى يصل لمقر عمله البعيد عن مسكنه .. أوصى به رجل مصر القديمة أحد أعوانه الذي تظاهر أنه يمارس رياضة العدو في الصباح الباكر ثم طعنه بخنجر ضخم في ظهره قبل أن يسرق كل ما معه من مال ليبدو الأمر و كأنه سرقة .. لم يشك أحد في و عذبني ضميري لفترة طويلة ثم سكنت نفسي الخبيثة و هدأ اضطراب روحي .. ذهبت بعد مقتله بفترة إلى علي لأجمع ما فرقه الزمن فلاقيت منه صدودا و عنادا فطاردته حتى لانت عريكته و جلسنا نتسامر في أحد الكافيتيريات بوسط البلد ثم أعلمته بمدى كراهيتي للمرحوم و بحبوب منع الحمل التي كنت آخذها من وراء ظهره و هو ينظر إلي في ذهول .. طلبت منه أن يسامح و يغفر و تكررت مقابلاتنا إلى أن اتفقنا على الزواج .. على عكس ما توقعت
يا سيدي تمت الأمور بأسرع ما يكون و مر عام ونصف على زواجنا أنجبنا خلاله طفلة صغيرة جميلة سميناها سارة .. أحسست بتوعك منذ فترة قصيرة فأقبلت على الأطباء أملأ الدنيا صخبا و عويلا ثم علمت حقيقة مرضي و فجعت كما لم أفجع من قبل بذلك المرض الخبيث المسمى بالسرطان الذي تمكن من عظامي و جعلني أحس أن جسدي يذوي و يذبل بسرعة .. أحس يا سيدي بقرب أجلي و أن هذا هو عقاب الخالق لي على ما اقترفته يداي من جرم في حق زوجي الأول .
والسلام
[b]الرسالة الثانية بتاريخ 23\4\2007آمل يا سيدي أن تكون قد تذكرت صاحبة الرسالة المرسلة بتاريخ 25\2\1990 فأنا زوجها الثاني الذي طالع خطابها صدفة في أحد كتبك .. عموما ماتت زوجتي بعد إرسال رسالتها إليك بشهرين و حسابها على الله فربيت أنا طفلتنا بكل جهدي .. صممت على عدم الزواج و عشت مع والدي حياة هانئة جميلة قبل أن يلحقا بالرفيق الأعلى لأقيم مع ابنتي بمفردنا .. تبدلت ابنتي يا سيدي على نحو عجيب .. ارتدت ملابس فاضحة فأنذرتها أكثر من مرة فلم تعرني اهتماما ... تعبت معها و تعذبت إلا أن هذا لم يزدها إلا عنادا و استكبارا فأصابني ارتفاع ضغط الدم فدمر الباقي من صحتي الواهنة أصلا ... أحلم أحيانا بنيران تلتهم جسد ابنتي فأصحو مفزوعا أبسمل و أحوقل ... تعاركت معها مرارا فهاجمتني كقطة شرسة و سبتني بأقذع الألفاظ فأسقط في يدي... لا أدري ماذا أفعل مع ابنتي و كيف أنقذها من مستنقع الوحل الذي تسير إليه الرسالة الثالثة بتاريخ2\1\2008هاأنذا يا سيدي الأب المكلوم المجروح الذي أصابه مصاب جلل في ابنته لم يتوقعه يوما..تخيل يا سيدي ما الذي علمته بعد المصاب ....علمت أن ابنتي اتجهت لطريق الشيطان و الرذيلة و انتقلت روحهامن المجتمع المحترم الذي كانت تحيا فيه إلى العالم القذر الذي تسير في طريقه و علمت من بعض صحبي أنها كانت قد تحولت لعاهرة محترفة تشارك الفساق فجورهم و رذيلتهم و كانت هذه بمثابة النهاية لشابة في مثل عمرها ... بعد ليلة حمراء ملعونة في شقة شاب داعر أفرطت سارة في المخدر الذي كانت تدمنه ففاضت روحها إلى بارئها و هي ساندة رأسها على مقود سيارتها التي اشترتها من الحرام فواأسفاه ... ادعو الله لي يا سيدي أن يصبرني .
[b]نظر الكاتب إلى الرسالة الأخيرة بحزن ثم أخذ يكتب ردا جاء فيه:-( سيدي لم أصدق حقيقة الرسالة الأولى و لا الثانية فنشرتهما كما جاءتا مظنة اختلاقهما و لكن بعد أن جاءت رسالتك الأخيرة قررت أن أكتب ردا يكون سلوانا لك عن عذابك .... أيها الكهل اعلم أن ضربات القدر مؤلمة موجعة و أنك ابتليت ابتلاءات لا فكاك لك منها و إنما وضعها الخالق في طريقك ليختبر جلدك و صبرك فاصبر و احتسب NMF
[/b]
[/b]