من أحد الأبراج.. ما أن لمح الملثم الفارس الخائن حتى بدا عليه التأثر الشديد فقال الفارس الخائن بتساؤل:- هل تعرفني يا هذا .
قال رجل من المقتحمين:- ليس هذا وقت الحديث فلنسرع.
انطلقوا جميعا تجاه أحد الأبراج ليقابلهم في البداية حارسان قتلوهما بسرعة ثم تعالى الضجيج فعلم الملثم أن الوطيس سيحمى بعد قليل .. استمروا في نزولهم إلى بوابة القلعة و عدد الجنود يتزايد كلما هبطوا إلى الأسفل حتى وصلوا إلى البوابة الرئيسية فسقط معظمهم صرعى باستثناء الملثم و الفارس الخائن و عدد قليل من الجنود استمروا يقاتلون كالوحوش.
قال أحد حراس القلعة:- ما هذه الشياطين
قال آخر:- الملثم سيفه يكسر سيوفنا و كأنها من الخشب .
استمر القتال لدقيقة قتل فيها جميع حراس البوابة و معظم الثوار باستثناء الملثم و الفارس الخائن .
قال الملثم و هو يدفع البوابة بكل قوته بعد أن أزاح مزلاجها الضخم:- ليت كل الفرسان مثلك .
اقتحم لحظتها الثوار القلعة بعدد يفوق الألفان و هم يقتلون كل من يقابلهم.
قال الملثم للفارس الخائن:- هل تعرف أين قاعة الملك .
قال الخائن:- سر ورائي .
انطلقا يصعدان الدرجات بقوة و بأس حتى وصلا إلى باب ركله الملثم بقدمه ليطالعه الملك الظالم يجلس على عرشه و بجواره الملكة تنظر بخوف و أمام العرش وقف ما يقرب من سبعة فرسان أشداء للدفاع عن الملك .
قال الملثم:- لستم ندا لنا
انقض عليهما الرجال فقاتل الملثم و الخائن قتالا شرسا أسقطا خلاله فرسان الحراسة صرعى إلا أنه – و للأسف الشديد- سقط الفارس الخائن مضرجا في دمه إثر ضربة أصابت رأسه من الخلف.. ارتمى الملثم على الفارس الخائن صارخا:- معلمي .
قال الفارس الخائن بحروف مرتجفة و روحه تخرج من جسده:- كنت أعلم أنه أنت يا بني .. لقد صدق حدسي
قال الملثم بحزن الكون كله:- لقد أنجبت تلميذا نجيبا .
فاضت روح الفارس الخائن إلى بارئها و الملك يقول للملكة بغضب :- هل رأيت .. أخبرتك ألا نعتمد على أحد من بلاط المملكة السابقة.
قالت الملكة:- كان مجرد معلم للفرسان .
قال الملك صارخا:- و هاقد خاننا و أذل ناصيتنا .
قام الملثم من على الأرض ينظر للملك بغضب رهيب و هو يقول:- لقد قتل رجالك أعز شخص حي إلي على هذه الأرض .. سأنتقم له منك و سأذبحك كما ذبحت ابنتك .
قال الملك بغضب أشد :- أنت من قتلت ابنتي .
قال الملثم بصوت يقطر كراهية :- أيها الطاغية الحقير
امتشق الملك حسامه قائلا بكراهية أشد:- و أنا سأنتقم لابنتي بدوري .
انقض الملك على الملثم الذي تفادى انقضاضته و دار حوله بسرعة مذهلة ثم وضع السيف على رقبته و سحبه في سرعة فسقط الملك مذبوحا يتلوى على الأرض.. انطلق سهم لحظة وقوع الملك أصاب الملثم بين كتفه الأيمن و صدره فقفز خلق أحد الأرائك قائلا:- أيتها الملكة الحقيرة
صرخت الملكة بجنون :- سأقتلك شر قتلة .
ظلت مصوبة سهما آخر إلى الأريكة و هي تصيح :- لو كنت رجلا اخرج إلي .
قفز الملثم من خلف الأريكة منطلقا نحوها فأطلقت تجاهه سهما أصاب كتفه الأيسر إلا أنه كان قد وصل إليها قبل أن تضع سهما آخر في قوسها ثم قبض على عنقها بقوة و هي تجاهد لالتقاط الهواء قبل أن يقذفها تجاه نافذة من النوافذ لتسقط من ارتفاع عال بصراخ لم ينقطع إلا عندما ارتطمت بالأرض .. أخذ الملثم يلهث ثم قبض على صرة دنانير ذهبية بجوار العرش قائلا و هو يتألم:- دالت دولتكما .
ثم اتجه إلى نافذة قريبة ربط فيها حبلا أخرجه من جرابه نازلا لأرض القلعة و هو ينظر إلى المعركة العنيفة التي أصبحت تبشر بانتصار ساحق للثوار.. اتجه إلى زعيم الثوار الذي كان ممتطيا حصانه يراقب نهاية المعركة و قال له :- ما الأخبار.
قال الزعيم:- قبضنا على أولاد الملك الظالم و أقاربه لكننا لم نجده هو و زوجته بعد.
قال الملثم:- دعك منهما فقد ماتا
قال الزعيم بدهشة :- أتقول الصدق
قال الملثم و الدم يغرق ملابسه:- عندي طلب بسيط .
قال زعيم الثوار و هو ينظر إليه بإعجاب:- سلني ما شئت
همس في أذنه ببضع كلمات فقال الرجل متعجبا:- فقط هذا .. ماذا عن نفسك
قال الملثم و هو يشيح بذراعه:- لا رغبة لي في الحكم .. الوداع و لا تزوروني في كهفي فسأغادره إلى الأبد .
تركهم و امتطى صهوة جواد قوي متجها إلى الغابة حيث نزع الأسهم التي أصابته بحذر و غسل الدماء التي تحيط بكتفيه و صدره في مجرى مائي ثم اتجه لأحد الأكواخ القابعة وسط الغابات و طرق الباب.. فتحت له امرأة بدينة طيبة الوجه قالت له بسعادة:- تفضل أيها الملثم.
دخل الكوخ فوجد بعض الصغار يلعبون على الأرض فجلس يداعبهم و هم يضحكون و يصعدون على قدميه و يحاولون التعلق به فحمل أحدهم و هو يقول للمرأة:- ألا تحتاجين شيئا سأغادر و لن أعود .
قالت المرأة بقلق:- أنت تنزف بشدة .
قال :- هذا جرح بسيط .
قالت مهمومة:- لا يبدو بسيطا على الإطلاق
قال و هو يجز على أسنانه من الألم الذي يتصاعد إلى رأسه:- أصبحت مشهورا في هذه المملكة و أريد أن يبتعد الناس عن طريقي .
قالت أم الصغار دامعة العينين :- يا للواقعة.
قال بحزن:- يؤسفني أن أترك هذه الملائكة
قالت المرأة:- ألن تأتي أبدا
قال كابحا جماح عواطفه:- سأحاول قدر الإمكان
ثم أخرج صرة دنانير من جيبه قائلا:- هاك هذه الدنلنير الذهبية.. أحضرتها من القلعة
قال المرأة مستغربة:- أي قلعة
قال:- قلعة الظلم و الطغيان .. لقد انقض اليوم الثوار على الملك و قتلوه.
صرخت بفرحة طاغية:- يا لهذا الخبر السار
قال :- زعيم الثوار صديقي .. مري عليه و أخبريه أنك المرأة القادمة من طرف الفارس الملثم و هو سوف يتولى أمر إيوائك و التكفل بأطفالك إلى الأبد .
قالت:- أحقا ما تقول
موضوع: اللثام الأسود .... الجزء الرابع 
الخميس أبريل 09, 2009 10:50 pm