???? زائر
| موضوع: حكاية الناي الحزين... الجزء الأول السبت مارس 28, 2009 6:41 pm | |
| حكاية الناي الحزين وسط الظلام الدامس و بين أغصان الشجر جلس حمدان ينظر إلى البدر الذي يتلألأ في السماء و هو يبعث شعاعه الفضي إلى الأرض .. أحس بالمتعة و السرور لهذا المنظر الخلاب رغم الحزن الذي يملأ قلبه فسعاد حبيبة قلبه التي تربت معه في صباه و شبا معا كأخوين قد تمت خطبتها .. لطالما وقف والدها كالسد بينها و بينه رغم كل الإصرار الذي كان يملأ نفسيهما بالارتباط ببعضهما .. أحس بالنيران تندلع في جوفه أثناء اجتراره لذكرياته فأخرج من طيات ثيابه نايا صغير نظر له في شجن .. هذا الناي الذي علمه والده العزف عليه منذ أن كان صغيرا و صحبه إلى أن صار كبيرا يافعا .. صعد إلى شجرة ضخمة و جلس فوق جذع لها ثم أخذ يعزف لحنا حزينا مبكيا و هو يقول بصوت ندي:-ليه كل الوشوش كدابة و الناس صارت ديابةهجرني حبيبي و باعني سابني لدنيا قلابة لم يكن حمدان يعرف أن رمزية التي تربت معه في القرية كأخته تراقبه بعينين دامعتين .. كانت رمزية تحب حمدان منذ صغرها رغم أنه لم يكن يعيرها أي اهتمام فقلبه كان مشغولا بسعاد ولا أحد سواها .. حاولت طوال عمرها أن تشعره بحبها له و رغم ملاحظته لبعض تصرفاتها أحست أنه يتفهم حبها لكنه لا يريده و يأباه .. فعلت كل ما في وسعها لكي يتعلق قلبه بها لكن سعاد – الخبيثة من وجهة نظرها- كانت لها مكانة خاصة في قلبه و لم يكن يريد سواها .. تألمت رمزية كثيرا وسهرت حزينة ليال عديدة إلى أن تمت خطبة سعاد فأحست بالأمل يعاودها من جديد فحمدان هو فتى أحلامها الذي تتمناه و ترغب فيه .. ليال عدة جلست مستخفية وسط الزروع تنظر له و هو يراقب القمر شاردا قبل ان يعزف معزوفته الحزينة .. ليال عديدة تألمت لألمه و تعذبت لعذابه و ها هو اليوم الذي تريد فيه أن تصارحه بحبها له قد أتى و لن يثنيها شيء عن الاعتراف بحبها .. تسللت بين الزروع بحذر وهي تنظر إلى ظهره ثم خرجت من وسط الزروع مرة واحدة .. أحس هو بحركة خلفه فاستدار بجسده كله لينظر إليها بدهشة قبل أن يقول بتوتر:- رمزية ما الذي جاء بك الوقت متأخر للغاية . المشاعر الملتهبة في أعماقها حطمت كل الحواجز والسدود و قررت أن تبدأ المعركة بكل قوتها.. قالت :- جئت للاعتراف بحبي لك .قال بعينين حزينتين و بنبرة مشفقة:- أنا أتفهم ذلك قالت بعناد:- اسمع يا حمدان لو كانت سعاد تحبك حقا لضحت من أجلك ولو كنت قد نظرت إلى وجهها يوم خطبتها للمحت السعادة في عينيها .قال :- الوجوه لا تعبر عن القلوب قالت :- و التصرفات ألا تعبر أيضا قال:- أتطلع أن أرى في سماء الآمال نجما لامعا ينير ظلمة حياتي قالت:- تمشي وراء سراب خادع قال:- أسير وراء الأمل و من فقد الأمل فقد فقد كل شيء قالت:- النيران المشتعلة في قلبك لن تنطفىء أبدا ، شهران و تتزوج سعاد لتتركك في عالمك الحالم البائس .قال :- لو تزوجت سأشقى طوال عمريقالت:- إذن استعد للموت البطيء ثم أخذت نفسا عميقا مستطردة بتوسل:- ما ضرك لو تزوجت فتاة تحبك وتخاف عليك .قال:- قلبي لا مكان فيه إلا لسعاد قالت مصصمة على المضي للنهاية:- تعقل و اعرف رأسك من قدميك قال باستخفاف:- تعقلي أنت و لا تسيري وراء الوهم قالت بعطف:- أشفق عليك من تقلبات الأيام و أتمنى أن نتزوج لنعيش في هناء قال ببرود:- أبلغك بك نفسك هذا المبلغ حتى تتوسلي محطمة جدران كرامتك قالت و كلامه الجارح يدمي قلبها:- الحب الذي ملأ قلبي يجعلني أفعل أي شيء للإستئثار بك .قال و هو يقفز من فوق الشجرة على الأرض:- دعيني و شأني ثم سار مبتعدا عنها إلى أن غيبه الظلام ******* تزوجت سعاد التي كان حلم عمرها الارتباط بعريس ثري يخرجها هي و أهلها من حياة القرية البائسة إلى دنيا المدينة الواسعة .. علم حمدان بذلك فلم يصدق لأول وهلة و عندما جاء يوم الزفاف سار على قدمين لا يحس بهما باتجاه فرح المحبوبة التي غدرت به و حطمت أحلامه و هدت كيانه .. نظر إلى سعادتها و هي جالسة في الكوشة .. بعينين حزينتين أطرق برأسه إلى الأرض .. انتهى كل شيء بالنسبة له .. كان يحس أن خطبتها تمت على غير هواها و أنها أرغمت عليها بيد أن تألق عينيها و السعادة المرتسمة على وجهها أكدا أنه على خطأ .. ليته صدق كلام رمزية و لم يستسلم للسراب الخادع و الوهم الكبير .. عاد من الزفاف بيأس فقابله صديقه عبدالله الذي قال له باهتمام كبير:- ماذا ستفعل بخصوص الموضوع الذي حدثتك عنه.قال حمدان بوجه خاو:- أي موضوع قال عبد الله :- موضوع الهجرة لإيطالياقال بحزن:- لا أستطيع الكلام الآن قال عبدالله متفهما:- أعرف لماذا ، هلم بنا إلى شجرتك المفضلة وسط الزروع سارا معا إلى مكان حمدان المفضل ثم قال عبدالله و هو يجلس أسفل الشجرة :- أعرف كيف تريح نفسك منذ أن كنا صغارا .صعد حمدان على الجذع ثم لم يتمالك نفسه فاغرورقت عيناه بالدمع الهتون و هو يخرج الناي من طيات ثيابه .. عزف لحنا حزينا مبكيا خانقا ثم أنشد بصوت ندي :-زمان غادر أخذ الأحباب منا قسوة قلوبهم أبعدتهم عنا على الهم يا ربنا صبرنا |
|
???? زائر
| موضوع: رد: حكاية الناي الحزين... الجزء الأول الأحد مارس 29, 2009 9:29 pm | |
| |
|