وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السّحَابِ
على الرغم من ظهور نظرية الانجراف القاري حديثا فقد أشار القرآن الكريم إلي حركة الجبال والأرض قبل آلاف السنين، يقول تعالى (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السّحَابِ صُنْعَ اللّهِ الّذِيَ أَتْقَنَ كُلّ شَيْءٍ إِنّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) النمل:88، و مرور الجبال مر السحاب هو كناية واضحة علي دوران الأرض حول محورها، لأن الغلاف الهوائي للأرض الذي يتحرك فيه السحاب مرتبط بالأرض بواسطة الجاذبية وحركته منضبطة مع حركة الأرض ، وكذلك حركة السحاب فيه ، فإذا مرت الجبال مر السحاب كان في ذلك إشارة ضمنية إلي حركة الأرض التي تمر كما يمر السحاب. فالأرض كرة ـأو كالكرةـ تدور مغزلياً أمام الشمس من الغرب إلى الشرق دورة كاملة يومياً حول محور مائل يصنع 23.5 درجة مع مستوى فلك دورتها حول الشمس، ولقد تم حديثاً اكتشاف ترنح هذا المحور ببطيء شديد وبهذا لا نشعر بهذا، وبهذا فالأرض تترنح أو تميد ببطيء أثناء دورانها المغزلي وحتى لا نشعر بهذا الترنح فقد أرسى الله فيها الجبال كما في قوله تعالى (وألقى في الأرض رواسيَ أن تميد بكم وأنهارا )النحل:15.
ومن المعروف في قوانين الحركة المنتظمة أن الجسم المتماثل في الكتلة حول محور لا يضطرب ولا يميد إذا دار حول ذلك المحور بل ويبدو لنا ساكناً كما في حالة دوران الكرة الأرضية، والأرض في الواقع لا تميد أثناء دورانها المغزلي.
والله سبحانه فاطر الأرض ومرسي جبالها أرسى الجبال فيها بحيث يمتنع تمايل الأرض واضطرابها وهناك إشارة علمية بأن الجبال موزعة على جانبي المحور بالتساوي بحيث تتماثل الكتلة في نصفي الأرض.
فهل أدرك العلماء هذه الحقيقة القرآنية التي تسبق العلم بالإشارة إلى حركة الأرض وأن الجبال ذات كتل متماثلة بالنسبة لمحور الأرض حتى لا تميد ولا تضطرب أثناء حركتها وتكون الأرض مستقراً متوازناً ومتاعاً إلى حين لكل البشرية في حركة منتظمة لدرجة أنهم يحسبونها ساكنة لا يدركون حركتها المغزلية حول نفسها أو الانتقالية في الفضاء الكوني.
أقوال المفسرين يفسر "بن كثير" قوله تعالـى (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السّحَابِ) أي تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه وهي تمر مر السحاب أي تزول عن أماكنها ويفسر القرطبي بقول بن عباس: أي قائمة وهي تسير سيرا حثيثا، وقال "القتبي" وذلك أن الجبال تُجمع وتُسير، فهي في رؤية العين كالقائمة وهي تسير، وكذلك كل شي عظيم.
ويقول "القشيري" وهذا يوم القيامة، أي هي لكثرتها كأنها جامدة أي واقفة في مرأى العين وإن كانت في أنفسها تسير سير السحاب، و"ترى" من رؤية العين ولو كانت من رؤية القلب لتعدت إلى مفعولين.
(وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السّحَابِ) تقديره مرا مثل مر السحاب، فأقيمت الصفة مقام الموصوف والمضاف مقام المضاف إليه؛ فالجبال تزال من أماكنها من على وجه الأرض وتجمع وتسير كما تسير السحاب، ثم تكسر فتعود إلى الأرض "الذي أتقن كل شيء" أي أحكمه ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (رحم الله من عمل عملا فأتقنه).
وقال قتادة: معناه أحسن كل شيء والإتقان الإحكام.
والسعدي يقول لا تفقد شيئا منها، وتظنها باقية على الحال المعهودة ، وهي قد بلغت منها الشدائد والأهوال كل مبلغ، وقد تفتت، ثم تضمحل.
وفي "أضواء البيان" اعتراض علي قول العلماء بأنه يدلّ على أن الجبال الآن في دار الدنيا يحسبها رائيها جامدة، أي واقفة ساكنة غير متحركة، وهي تمرّ مر السحاب، ونحوه ويستشهدون بأن قوله تعالى: {وَتَرَى ٱلْجِبَالَ} معطوفة على قوله تعالى (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ) أي ويوم ينفخ في الصور فيفزع من في السموات وترى الجبال، فدلّت هذه القرينة القرآنية على أن مرّ الجبال مرّ السحاب كائن يوم ينفخ في الصور لا الآن، وأمّا الثاني وهو كون هذا المعنى هو الغالب في القرءان فواضح؛ لأن جميع الآيات التي فيها حركة الجبال كلّها في يوم القيامة؛ كقوله تعالى (يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَاء مَوْراً * وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً) الذاريات:10، وقوله تعالى (وَيَوْمَ نُسَيّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلاْرْضَ بَارِزَةً) سورة الكهف:47، وتسيير الجبال وإيجادها ونصبها قبل تسييرها، كل ذلك صنع متقن.
وقال البخاري، حدثنا محمد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال، قال رسول الله (ما بين النفختين أربعون قالوا أربعون يوما قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت قالوا أربعون سنة قال أبيت قال ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة).
لذا فأحداث النهاية متسلسلة وبينها مدة زمنية وهي التي سيتم فيها تسيير الحبال وبثها وتدميرها من قبل الحق جل وعلي، أما الحركة في الآية فلها دلالات أخري كما سنري لاحقاً.
وقوله {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ} قرأه ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو «تسير الجبال» بالتاء المثناة الفوقية وفتح الياء المشددة من قوله «تسير» مبيناً للمفعول و{ٱلْجِبَالُ} بالرفع نائب فاعل {تسير} والفاعل المحذوف ضمير يعود إلى الله جل وعلا.
وقرأه باقي السبعة «نسير» بالنون وكسر الياء المشددة مبنياً للفاعل، و«الجبال» منصوب مفعول به، وعلى هذا يقول "الشنقيطي" ، فالمراد تعظيم شأن يوم القيامة، وأنه يختل فيه نظام العالم، والصواب في مثل هذا حمل الآية على شمولها للجميع، يقول الدكتور "منصور حسب النبي" عن دوران الأرض حول الشمس " لو أن القرآن الكريم صارح الناس عند نزوله بحركة الأرض وهم يحسبونها ساكنة لكذبوه وحيل بينهم وبين هدايته، فكان من الحكمة البالغة ومن الإعجاز البلاغي في الأسلوب أن ينبه الناس في كتاب الله إلى آياته سبحانه في حركة الأرض بمختلف الإشارات ليحثنا على البحث فيهما" ولقد أشار القرآن للحركة الانتقالية الدورانية للأرض حول محورها قوله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) والسحاب كما هو معروف لعلماء الطبيعة لا يتحرك بذاته ولكن ينتقل محمولاً على الرياح فكذلك الجبال يراها الرائي فيظنها جامدة في مكانها بينما هي في الحقيقة تمر مسرعة محمولة علي شئ، هذا الحامل هو الأرض التي تعمل عمل الرياح وكلا الأمرين من صنع الله الذي أتقن كل شيء فهو سبحانه الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً وهو الذي يحرك الأرض فتحمل الجبال التي تمر مر السحاب وهذا تفسير علمي لظاهرة كونية فيها من إتقان الصنع ما يدل على جلال حكمة الله وقدرته سبحانه.
لقد أهمل المفسرون هذا المعني الضمني عندما اعتبروا هذه الآية إشارة إلى نسف الجبال نسفاً يوم القيامة لأنهم لم يكونوا يعرفون أن للأرض حركة ما فأهملوا الإعجاز البياني والعلمي في التعبير القرآني وهذه أدلة قوية علي صحة هذا القول:
1. الجبال يوم القيامة لا وجود لها لأنها سوف تتناثر وتنسف كما في قوله تعالى (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا) طه: 105، فكيف ينظر الإنسان إلى الجبال المنسوفة وليس عنده مجال يومئذٍ للتأمل في الجبال أو غيرها في وقت تسوده الأهوال والشدائد.
2. قوله تعالى (تحسبها جامدة ) يكون في الدنيا وليس الآخرة فالدنيا دار الظن والحسبان بينما الآخرة دار اليقين كما في قوله تعالى:( ثم لترونها عين اليقين )التكاثر:5. 3. وقوله تعالى (صنع الله الذي أتقن كل شيء ) يشير إلى الدنيا لأن الخراب والدمار والنسف يوم القيامة لا يسمى صنعاً ولا يدخل في حيز الإتقان.
و"الزمخشري" وحده هو الذي أدرك بذوقه البياني عدم التلاؤم بين قوله تعالى( صنع الله الذي أتقن كل شيء) وبين التفسير بما سيحل بالجبال من دمار بين يدي الساعة، فقدر محذوفاً يليق في رأيه بذلك الصنع المتقن إذ قال: والمعنى يوم ينفخ في الصور، أثاب الله المحسنين وعاقب المجرمين.
ثم قال (صنع الله) يريد به الإثابة والمعاقبة وجعل هذا الصنع من جملة الأشياء التي أتقنها وأتى بها على الحكمة والصواب، إلى آخر ما قال مما رفضه غيره مثل أبي حيان ولو أنهم جميعاً لم يدركوا إشارة هذه الآية لحركة الأرض ولو عرف "الزمخشري" "وأبو حيان" ما نعرفه اليوم من دوران الأرض حول الشمس بتلك الكيفية الباهرة وجريانها في الفضاء، وما يحكمها من تلك السنن الإلهية الدقيقة وما يترتب عليها من المنافع للناس، إذن لكبروا الله وتسارعوا إلى المعنى المتبادر من الآية ومن تشبيهها التمثيلي ومن القرائن الحسية والبلاغية فيها، ويقول فضيلة الإمام الشيخ "الشعراوي "أن التشبيه القرآني (مر السحاب) يجعلنا نتساءل لماذا لم يقل الله سبحانه (مر الرياح) أو (مر الأمواج) أو أي لفظ آخر؟
لأن السحاب لا يتحرك بنفسه بل تدفعه قوة ذاتية هي قوة الريح وبهذا ينبهنا الله تعالى أن حركة الجبال هنا ليست حركة ذاتية كحركة الأرض وليست حركة ذاتية كحركة الرياح ولكنها تمر أمامكم مر السحاب أي: تتحرك بحركة الأرض وإلا فلماذا لم يقل الله وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تسير أو وهي تجري أو وهي تتحرك؟ لأنه سبحانه يستبعد الألفاظ التي تعطي للجبال ذاتية الحركة وهذا إعجاز.
وبهذا يتضح لنا أهمية مراجعة ما ورد في التفاسير القديمة للآيات الكونية من آراء فالمفسرون بشر يؤخذ من كلامهم ويرد .
نظرية الألواح التكتونية تكون القشرة الأرضية Earth Crust الجزء الخارجي للأرض وتتكون من صخور صلبة تتكون من السيليكلون والكالسيوم والألومنيوم والماغنسيوم- سمكها بين 10- 70, كثافتها 2.7-3.4 جم/سم3 (اقل كثافة), فاتحة اللون ويختلف سمكها من مكان لآخر وتتركب من صخور خفيفة مثل الجرانيت والجرانوديوريت والصخور الرسوبية ويسفل القشرة طبقة شبة سائلة (لزجة) تسمي الوشاح Mantle وتتكون من السيليكلون والحديد والماغنسيوم وسمكها 2500-3000كم, وأكثر كثافة 4-6 جم/سم3.
وبما أنّ الأرض تدور حول محورها فان القشرة الصلبة كما رأينا لا تستطيع أن تثبت فوق الوشاح شبة السائل لذا فإنها تتكسر ومن ثم تتحرك من مكان لآخر كما سنري الآن.
على الرغم من أن نظرية الانجراف القاري لفاجنر قد فشلت في إعطاء التفسير المقنع للأسباب التي أدت إلى حدوث حركة القارات، فأن نظرية الألواح التكتونية قد قامت بهذا التفسير وذلك من خلال الغلاف الصخري والذي يرتكز على غلاف يتميز باللدونة داخل الوشاح أو ما يعرف بالغلاف الوهن أو الاسينوسيفر Athenosphere ، بحيث يمكن التحرك عليه ببطء شديد.
وينقسم الغلاف الصخري إلى عدة ألواح إلا أنه يمكن تمييز ستة ألواح كبرى كالتالي:
1. اللوح الأمريكي :American Plate الأمريكتين مع جزء من قشرة المحيط الأطلنطي حتى حوافه الوسطى.
2. اللوح الإفريقي African Plate: ويشمل كل أفريقيا حتى الحافة الوسطى للمحيط الأطلسي ونحو نصف المحيط الهندي الغربي.
3. اللوح الأوراسىEurasian Plate : ويمتد بين الحافة الوسطى للمحيط الأطلسى غربا والبحر المتوسط وسلسلة الجبال الإلتوائية الحديثة جنوبا لتنتهي في المحيط الهادي Plate .
4. (أنتاركاتيكا) Antarcatica : ويشتمل على كتلة صخور قارة القطبية الجنوبية وتضم القارة القطبية الجنوبية مع الأطراف الجنوبية لكل من المحيط الهادي والأطلسي والهندي .
5. اللوح الهندي Indian Plate: ويشتمل لهند وجزء من المحيط الهندي.
6. اللوح الهادي Pacific Plate: ويشتمل المحيط ا الهادي.
و تبين خريطة الصفائح التكتونية التالية توزيع الألواح التكتونية الكبرى والصفري علي القشرة الأرضية:
حركة الألواح الحركة التقاربية :Convergent Movement
كتقارب قشرة قارية مع قشرة قارية وينشأ عن هذا التقارب ارتطام قشرتين قاريتين لهما نفس الكثافة وقبل حدوث هذا الارتطام أو التصادم تغوص القشرة المحيطية التي تفصل بينهما والتي تكونت أثناء فترة سابقة تحت أحد القشرتين ومع تمام عملية الغوص أو الاندساس Subduction وبعد انصهار القشرة المحيطية ترتطم هاتان القشرتان وينتج عن هذا الارتطام تكون سلسلة جبلية يصاحبها عمليات طي وتصدع، بعدها تبدأ عمليات التعرية نشاطها لتشكل الملامح السطحية للحزام الجبلي وتتميز هذه الجبال بأنها شاهقة وتعد من أشهر وأهم السلاسل الجبلية في الكرة الأرضية ومن أهمها ما يلي :
1. اصطدام اللوح الهندي القاري مع الأوراسي إذ أنه حدث منذ حوالي 45 مليون سنة. ويستمر حتي الآن كما حدث في زلزال تسونامي عام 2004 .
2. حدوث اصطدام قبل حوالي 360-286 مليون عام بين القارة الأوروبية والقارة الآسيوية لتكونان قارة أوراسيا الحالية والذي نجم عنه تكوين سلسلة جبال الأورال بين حدود اللوحتين الأوروبية والآسيوية.
3. تصادم اللوح الإفريقي واللوح الأوروبي وانغلاق بحر التيثيز (Tethys) الذي كان يفصل قارتى أوراسيا وجندوانا. كما في الشكل التالي:
يغوص طرف أحدي اللوحين وما يحمله من رسوبيات تحت الآخر متسببا في نشاط بركاني يشبه ذلك الذي يحدث عند ارتطام لوح محيطي بآخر قاري. غير أن مثل هذه البراكين تحدث في قيعان المحيطات بدلا من حدوثها على اليابسة وإذا ما استمرت هذه النشاطات البركانية فإن كتلا من اليابسة قد تبرز من أعماق المحيطات.
وفى البداية تكون مثل هذه الظاهرة على هيئة سلسلة من الجزر البركانية تسمى بقوس الجزر مثل جزر اليابان واندونيسيا والفلبين وعادة ما تقع أقواس الجزر على بعد بضع مئات من الكيلومترات من خندق محيطي حيث لا تزال عملية غوص الغلاف الصخري مستمرة، وعلى مدى زمني طويل من النشاط البركاني تتراكم عن هذه النشاطات المختلفة قوس جزر ناضج مكون من صخور بركانية مطوية ومتحولة. ومثال ذلك شبه جزيرة ألاسكا والفلبين واليابان.
الحركة التباعدية (البناءة) :Divergent Movement
تنشأ هذه الحركة عن قوى شد مما يؤدي إلى تباعد اللوحين تدريجيا وفي هذه الحركة تتحرك الصهارة (الماجما) من طبقة الأثينوسفير (Asthenosphere) إلى أعلى دافعا الصفائح التكتونية للتباعد عن بعضها البعض. مثال ذلك البحر الأحمر الذي يمكن أن يصبح محيطا بعد ملايين السنين.
وكما لكل شئٍٍ بداية فحتما سيكون ل نهاية فالقرآن الكريم يذكر أحداث نهاية الكون علي النحو التالي، قال تعالى (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) الأنبياء: 104.
وفي الإحصاء ما يعرف بمنحني التوزيع الطبيعي والذي يسود في كل البيئات والأزمان ويشكل الوصف الدقيق لأغلب البيانات في الطبيعة، كتبسيط لهذا التوزيع لاحظ انك جمعت بيانات عن أطوال كل التلاميذ في فصل دراسي وحاولت تقسيمهم الي ثلاث فئات(طويل - متوسط - قصير) من المؤكد أنّك ستجد أنّ أعداد الطلاب متوسطي الطول هي الأعلى أمّا أعداد المجموعتين الأخريين فهي قليلة أو نادرة وهذه ظاهرة التوزيع الطبيعي ويمكن تطبيقها علي معظم الأشياء من حولنا فالقيم المتوسطة هي السائدة غالبا أما القيم المبالغ بها صعوداً او هبوطاً (شاذة) فهي نادرة، المزيد في الشكل التالي:
أسباب حركة الصفائح التكتونية
ويرى العلماء أنّ تيارات الحمل الدورانية هي مصدر القوى التي تعتمد عليها نظرية الصفائح التكتونية في تفسيرها لحركة القارات ونموها وتكوين الجبال وأحواض الترسيب، حيث تنشأ تيارات حمل في منطقة الأثينوسفير المرنة نتيجة حدوث تغير في درجة الحرارة في باطن الأرض مما يؤدي إلى وجود تيارات حمل دورانية على شكل خلايا دائرية، وتعمل الحرارة الصاعدة من هذه النقطة وبذلك تندفع المادة المنصهرة إلى السطح مكونة جزرا بركانية مثل جزر هاواي التي تقع في وسط المحيط الهادي. وقد فسرت هذه النظرية ما سبقها من نظريات وخصوصا ما يتعلق بالدورة الصخرية وتوازن القشرة الأرضية.
ويقوم مشروع الخرائط القديمة Paleomap Project بالولايات المتحدة حاليا برسم الخرائط القديمة والتنبؤ بالحركات القادمة والتغييرات في توزيع الألواح التكتونية. وكانت النتيجة المذهلة من الحسابات الدقيقة باستخدام نمزجه الحاسب بأن الألواح ستبدأ بالتقارب مرة أخري حيث ستجتمع قارات العالم معاً كما كانت في العصر البرمي (255 مليون سنة) والتي كانت فيها أقارات الكبرى مجتمعة معاً فيما يسمي بانجيا (Pangea) ويبين الشكل التالي حركة الألواح القارية قديماً ومستقبلاً (الصور من مشروع الخرائط القديمة Paleomap Project).
بالنظر إلي الخرائط السابقة يتضح لنا جلياَ أن كل شيٍ سينتهي كما بدأ مصداقا لقوله تعالي "كما بدأكم تعودون"، وقال تعالى (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) الأنبياء: 104.
وما هذا بقول بشر وإنما هو حقاَ كلام رب العالمين.