قرأت هذه القصة و اعجبتني لعلها تعجبكم ايضا
خرج فأر صغير في يوم من أيام الشتاء الباردة يبحث في الغابة عن شيء يأكله. وابتعد عن جحره كثيرا دون أن يجد شيئا. وفجأة أمطرت السماء مطرا غزيرا. وجعل الفأر الصغير ينظر حوله باحثا عن مكان يختبيء فيه. وكان في الغابة جحور كثيرة ولكن الفأر الصغير خاف أن يدخل إلى أحدها. فقد يجد فيه حية أو حيوانا مفترسا. وفجأة رأي على مقربة منه جمجمة حمار قديمة فأسرع إليها. ونظر داخلها فوجدها فارغة. دخل الفأر الصغير الجمجمة واختبأ فيها من المطر.
وفجأة رأى فأرا كبيرا يدخل الجمجمة وهو يقطر ماء، وحينما شاهده الفأر الكبير صاح به غاضبا:
- ماذا تفعل هنا؟ ومن سمح لك بالدخول؟
تعجب الفأر الصغير من كلام الفأر الآخر وقال:
- دخلت لأحتمي من المطر.
- وهل سمحت لك بذلك؟
وزادت دهشة الفأر الصغير وأجاب :
- لم تكن هنا حينما أتيت. وهذه الجمجمة ليست ملكا لأحد.
وصرخ الفأر الكبير:
- ماذا تقول! أنت وقح جدا. هذه الجمجمة مكان مقدس لعائلتنا وأنا الكاهن الأكبر لهذا الهيكل.
وهتف الفأر الصغير:
- لم أعرف ذلك. أنا متأسف وأرجو أن تقبلني ضيفا عندك إلى أن يتوقف هطول المطر.
ولكن الفأر الكبير صاح به:
- هذا مكان مقدس لا يدخله سوى أفراد العائلة. أخرج حالا.
وتشجع الفأر الصغير قائلا:
- لا أستطيع الخروج الآن!
وكشر الفأر الكاهن عن أنيابه وهجم على الفأر الصغير , ورفسه برجله إلى الخارج.
كانت العاصفة شديدة والمطر ما زال غزيرا. ولولا أن الفأر الصغير وجد جذع شجرة مجوف واختبأ فيه لمات من البرد والبلل.
وبعد أن هدأت العاصفة وتوقف المطر، خرج الفأر الصغير وتوجه إلى عرين الأسد ملك الغابة. ودخل على الأسد وهو يرتجف من البرد وقص عليه ما جرى له وطلب معاقبة الفأر الآخر.
غضب الملك عندما سمع القصة وقال للقط:
- إذهب وأحضر ذلك الفأر الملعون ولكن إياك أن تؤذيه. أريد أن أستجوبه.
وذهب القط مع الفأر الصغير ليحضرا الفأر الكبير ليمثل أمام الأسد. ولكن الفأر الكبير رفض الخروج من الجمجمة التي لم يكن بابها يتسع لدخول القط. وفكر القط الذكي ثم قال للفأر الصغير :
- سنسد مداخل الجمجمه ونتركه حبيسا إلى أن تستيقظ الأفعى من نومها في الصيف فتدخل إليه وتخرجه.
وبدأ القط والفأر الصغير يسدان مداخل الجمجمة بالحجارة , فكاد الفأر الكبير يجن من الرعب وصرخ مستغيثا:
- توقفا! سأخرج حالا.
وخرج وهو يرتجف من الخوف فقاده القط إلى عرين الأسد.
وقال الأسد للفأر:
- لماذا طردت هذا الفأر الصغير، ومنعته من الإختباء داخل الجمجمة؟
وأجاب الفأر بخوف شديد:
- هذه الجمجمة أيها الملك هي مكان مقدس لعائلتي لا يسمح للغرباء بدخوله.
وصاح به الأسد:
- ألم تجد عائلتك ما تتخذه مكانا مقدسا سوى جمجمة حمار؟ كان أحرى بهم أن يقدسوا جمجمة أسد بدلا من جمجمة حمار.
فقال الفأر:
- ولكن هذه الجمجمة هي جمجمة جدنا الكبير.
فانقلب الأسد ومن حوله على أقفيتهم من الضحك, وقال الأسد:
- هل أبناء عائلتك فئران مثلك أم حمير؟
فقال الفأر:
- إنهم حمير وفئران في نفس الوقت.
وصاح به الفيل المنافق :
- هل تمازح الملك أيها الأبله؟
فقال الفأر:
- حاشا أن أفعل ذلك. ولكن هذه هي الحقيقة.
وقال الكلب:
- لو قلت أنا أن جدي هو الذئب لكان الأمر معقولا. فنحن متشابهان في الخلقة والحجم. أما أنت فأصغر من أذن الحمار ولا تشبهه بشيء، فكيف يكون جدك وجد عائلتك؟
فقال الفأر:
- إذا سمح لي الملك أجبتك.
وقال الملك:
- نسمح لك!
قال الفأر:
- كان جدنا حمارا نبيلا وصاحب مكانة عالية بين الحمير. ولكنه ذات مرة رفس ثعلبا ساحرا , وهشم أنفه. فقال له الثعلب الساحر :
- أنت مغتر بقوتك وضخامة جسمك. ولكنك لا تعرف قوة السحر.
ودعا عليه الساحر أن يكون نسله كلهم فئرانا. وهكذا حصل. فعائلتنا كلهم فئران ولكن أصلهم حمير.
وتعجب الحاضرون وخيم عليهم الصمت. ثم قال الأسد:
- ولكن كيف عرفتم أن هذا قد حدث فعلا.
فأجاب الفأر:
- تناقلناه عن أجدادنا جيلا بعد جيل، ولدينا كتب كثيرة تحكي ذلك. كما أن أخلاق عائلتنا هي خليط من صفات الفئران والحمير. فنحن ما نزال نرفس إلى الآن.
وصاح الفأر الصغير:
- نعم أيها الملك, لقد رفسني برجله بدلآ أن يدفعني بيديه ليخرجني من الجمجمة.
وسأل الأسد حاشيته من الحاضرين:
- ما رأيكم أيها السادة؟
فأسرع الفيل المنافق يقول:
- لا يجوز أن يكون هناك جمجمة مقدسة سوى جمجمة الملك.
نظر إليه الأسد بشدة وقال:
- يبدو أنك أنت أيضا جدك حمار. وأين هي جمجمتي؟
وفطن الفيل أنه أخطأ, وسكت.
وقال الأسد للكلب :
- ماذا تقول أنت؟
قال الكلب :
- ألقول قول الملك. ولكني أعرف من قديم الزمان أن جماجم الملوك كلها مقدسة. وعلى الملك أن يختار جمجمة أحد أجداده ويجعلها مكانا مقدسا.
وسر الملك سرورا كبيرا بما قاله الكلب وقال له:
- حقا إنك كلب ابن كلب, وليس فيلا ابن حمار.
وأمر الملك أعوانه أن يبحثوا عن جمجمة قديمة لأحد أجداده وأن توضع على صخرة عالية وتحاط بالحراس ويعلن بين كل الحيوانات أنها مكان مقدس. وأمر الفيل أن يطأ بقدمه جمجمة الحمار ويحولها إلى غبار. ثم قال للفأر الكبير أياك أن تقدس غير جماجم الملوك! إنصرف!
وصاح الفأر الصغير:
- وأين حقي أيها الملك. لقد رفسني وطردني وكدت أموت من البرد.
ونظر إليه الأسد بهدوء وقال:
- أيها الفأر الصغير, إياك أن تنتهك بعد اليوم حرمة الأماكن المقدسة.
موضوع: الفأر و جمجمة الحمار 
السبت مايو 16, 2009 4:36 pm