ساعتان ( متوالية قدرية)
الساعة الخامسة إلا ربع عصرا
كان يعمل في إرهاق تام و البرد الذي أصاب عظامه أوهنه لدرجة عدم التركيز فقال له زميله على السقالة :- كفاك اليوم ، أراك ضعيف البنية
قال و هو يحس بالأرض تميد تحت قدميه:- نحن نعمل بالساعة و الأولاد في البيت يريدون الطعام .
قال زميله:- لن تصنع فارقا هذه الساعات الثلاث المتبقية
- عندي ستصنع فأنا في عرض جنيه واحد
الساعة الخامسة إلا ربع عصرا
نظره لمديره في سخط و هو يلعنه في سره ثم قال :- جميع زملائي يخطئون و لا يوجد سواي يعاقب بخصم ثلاثة أيام إذا أخطأ
تجهم وجه المدير و هو يقول:- أنا ظالم
ثم خط إمضاءه على الورقة التي أمامه قائلا:- اذهب و قدمها للشئون الإدارية بنفسك .
أخذ منه الورقة قائلا لنفسه:- حسبي الله و نعم الوكيل
قالها و هو ينظر للسقالات التي تعمل في الدور الذي فوقهم بشرود
الساعة الخامسة إلا ربع عصرا
الراقصة تنظر إلى ساعتها في توتر بينما سائق سيارتها يقول :- الصبر
قالت مندفعة:- رجل الأعمال الذي ينتظرني يكره التأخير للغاية و لابد أن أصل في الخامسة و الربع
قال السائق:- أنا أبذل قصارى جهدي .. المشكلة في الإشارة القادمة
الساعة الخامسة عصرا
خرج المدير من البناية التي يعمل بها مزهوا منتشيا كطاووس .. بمجرد خروجه من باب البناية و سيره بمحاذاتها سمع صوتا يصرخ أن احترس لكن سبق السيف العذل ليصيبه قالب طوب ساقط من السقالة التي تعمل في الدور الذي يعلو شركته لتنفجر الدماء من رأسه و يسقط فاقد الوعي .
في هذه اللحظة قال عامل البناء لزميله بغضب هادر:- توقعت أنك ستصنع مصيبة و هاقد وقعت .
قال زميله مترنحا:- أنا لا أحس بنفسي
- اترك السقالة لتستريح . ثم انطلق للسلم حتى يذهب للاطمئنان على الرجل الذي أصابه قالب الطوب .
الساعة الخامسة و دقيقة
قالت للسائق:- تأخرت جدا
ثم فتحت الباب مستطردة:- سأعبر الشارع من جانب هذه البناية و أستدير من خلفها لأركب تاكسي من الجهة المقابلة .
قال السائق:- سيدتي .. بقيت دقيقتان و تفتح الإشارة و ....
قاطعته:- لا وقت
قفزت من السيارة تعدو من جانب البناية و السائق يقول لنفسه :- و كأنك ذاهبة للقاء رئيس الجمهورية .
فوجىء بجسد يسقط على المرأة فيسحقها بالأرض فاتسعت عيناه في ذهول مريع و هو يصرخ:- يا إلهي ، من أين سقط هذا الشخص
الساعة الخامسة و الربع
نظر رجل الأعمال لساعته قبل أن يطلب رقما معينا فلا يرد عليه أحد ، قال لنفسه:- يا للعنة ، أين هذه الراقصة
تذكر الموعد الذي حدده لها في شقته على الكورنيش نظير مبلغ من المال بعدما قابلها في ملهى ليلي فيعجب بجمالها و قوامها .. قام من على السرير ثم خرج من الشقة و استقل المصعد هابطا للأسفل و قصر أحلامه الرملي يتهاوى أمام موجة الحسرة و القلق .. ركب سيارته
و انطلق بها قائلا لنفسه :- اللعنة ، ألف لعنة
الساعة الخامسة و الربع
الكرباج يهوي على ظهر الشخص الملتحي بقسوة فيصرخ من شدة الألم و هو يقول لاهثا:- ألا توجد رحمة في قلوبكم .
قال ضابط أمن الدولة ساخرا:- اعترف بانتمائك للجماعة و وقع على الإقرار .
قال الملتحي الذي يبكي قهرا:- أنتم ظلمة و لكل ظالم يوم .
قهقه الضابط بوحشية قائلا:- و أنتم تفسدون المجتمع بتطرفكم و إرهابكم .
- أي إرهاب ، نحن لا نبغي سوى رضا الخالق أما أنتم فلا تبغون إلا أن تكونوا كلابا للحاكم
صفعه الضابط بقسوة فانبثق الدم من شفته السفلى فاستطرد :- تلك هي الحقيقة .
خلع الضابط قفازيه ثم قال للجندي الواقف بجانبه :- ضع لاصقا على فمه حتى يخرس .
ثم خرج من الغرفة و هو يقول:- سأعود لمنزلي لتناول الغداء ثم أعود بعد ثلاث ساعات .
الساعة الخامسة و الربع
يجري بدراجته البخارية بأقصى سرعتها و صفارات الشرطة تدوي خلفه بينما الضابط يصرخ أن توقف .. أخذ يسير بمسارات متعرجة
و السيارة في أثره فقال لنفسه:- من الوغد الذي أبلغ عني و أنا أسلم جوال البانجو لعرفة ، يا ليتني أعرف .
الساعة الخامسة و الربع
هز ذيله و هو ينظر إلى أنثاه و ينبح ثم يلتف حول الصغار الذين يرضعون منها .. نظرة عينيها توحي بجوعها مما جعله ينتفض قبل أن يجري و غريزته تتطلع للطعام و لا شيء سواه.
الساعة الخامسة و الربع
الحمل ثقيل و سيارة النقل ذات المقطورة تسير بمهل و تروي فقال التباع للسائق :- ماذا هناك
قال السائق:- أحس أن الفرامل ليست في حالتها
قال التباع :- لقد أجرينا للسيارة فحصا دوريا
قال السائق:- أنا خائف
- لا تقلق ، زد من سرعتك و لا تخف
الساعة الخامسة و الربع
- أهكذا تفعل في عمك يا بني
نظر الشاب للكهل الواقف أمامه ثم قال بسخرية :- لا عم لي
قال الكهل:- أنت تعلم أن الكشك هذا كان شركة بيني و بين والدك
قال الشاب و هو يشعل سيجارة:- أوراق ملكيته باسم أبي و من حسن الحظ أنها معي الآن
- يا بني لو كان لي أولاد لما كان هذا حالك معي .
قال الشاب بغضب:- أيها العجوز المخرف ابتعد من هنا
تركه الرجل متكئا على عصاه و هو يقول:- ماذا حدث لهذا الزمن ، ابن أخي يطردني من الكشك الذي شاركت والده فيه، من أين أقتات لقمة عيشي الآن .
صرخ الشاب:- لو جئت إلى هنا مرة أخرى سأضربك .
ثم أمسك هاتفه المحمول و طلب رقما .. انتظر قليلا ثم قال:- حبيبتي ، أصبح الكشك ملكا لي الآن .
الساعة السادسة إلا ربع
قال صبي من صبية الشوارع لزميله:- أنا أحس بالملل
قال زميله :- لنفعلها
سارا مع بعضهما ليقفا على رصيف يفصل بين طريقين متضادين و كل منهما يمسك نصف قالب طوب بيده .
قال أحدهما:- ألق الطوبة على زجاج السيارة مباشرة
مرقت سيارة أمامهما بسرعة فألقى الصبي الطوبة بكل قوته لتصيب سائق السيارة في وجهه مما جعله يفقد السيطرة على عجلة القيادة لتعلو السيارة الرصيف و تقفز باتجاه الطريق المعاكس لتصطدم بسيارة سائرة في الاتجاه المقابل فتسحق جانبها الأيسر .. الأدهى أن التي سحق جانبه الأيسر ارتطم بها من الخلف سيارة شرطة كانت تطارد شخصا كان يركب دراجة بخارية ثم تأتي سيارة ثالثة لتصطدم بسيارة الشرطة ثم تأتي رابعة لتصطدم بالثالثة في حادث مروع غريب .
جرى الصبيان بذعر و أحدهما يصرخ :- لقد فعلت مصيبة
صاح زميله:- كان زجاج السيارة مفتوحا أيها الحمار
الساعة الخامسة و سبع و أربعون دقيقة
توقف الطريق تماما ثم خرج ضابط الشرطة من السيارة و هو يسب الدنيا و أفاعيلها ثم صرخ في وجه قائد السيارة التي قفزت في الاتجاه المعاكس :- أنت أعمى لا ترى
قال الرجل و الدماء تسيل على خده:- فوجئت بارتطام طوبة بوجهي ففقدت السيطرة على السيارة .
نظر الناس إلى العربة التي سحق جانبها الأيسر فقال الضلبط بذعر :- يا إلهي ، لقد مات هذا الرجل .
حاول الناس إخراج الرجل الذي تفجرت الدماء من رأسه و كتفه و ذراعيه و نظرة مذهولة مذعورة كانت آخر تعبير على وجهه قبل أن يفارق دنيانا .
تمالك الضابط نفسه ثم قال للمجروح في خده:- أعطني بطاقتك ، ماذا تعمل
ناوله الرجل الرخصة و البطاقة ثم قال بخوف:- رجل أعمال
قال الضابط باستياء :- طبيعي ، استهتاركم لا حدود له
ثم أمر جندي من جنوده أن يحاول الحصول على أي شيء يثبت هوية القتيل فذهب الجندي ليحضر محفظته ثم عاد يقول مصعوقا:- سيدي ، هذا الرجل الذي مات مقدم في أمن الدولة .
فغر الضابط فاه بدهشة تحولت إلى تشفي و هو يقول لرجل الأعمال:- أنت في وضع لا يحسد عليه
الساعة السادسة
أوقف دراجته البخارية ثم خرج ليشتري علبة سجائر من الكشك الذي يعلو الرصيف و هو يقول لنفسه:- أنجتني هذه الحادثة
ناول الشاب الذي يقف في الكشك متحدثا في المحمول نقودا و هو يقول:- علبة سجائر كليوباترا
لم يعره الشاب اهتماما و هو يتحدث بهيام عبر الهاتف فقال بغضب :- ألا تسمعني.
فوجيء بشاب الكشك ينظر لشيء خلف كتفه بذعر فاستدار ليجد سيارة نقل بمقطورة قفزت على الرصيف في مواجهته مباشرة .. حاول الهرب إلا أنه أحس أن قدميه شلتا فقفز بكل قوته في اللحظة الأخيرة محاولا الهرب بيد أن السيارة ارتطمت بالكشك فحطمته تماما .
الساعة السادسة و دقيقة
قفز السائق و التباع من السيارة راكضين نحو الشاب الذي مرت إطارات السيارة على قدمه اليسرى فسحقتها ليصرخ بألم مجنون عنيف .
صاح السائق:- أوقف أي سيارة و خذه للمستشفى بسرعة
قال التباع :- و صاحب الكشك
قال السائق :- ما به
ثم استدار فألفى الشاب ساقط على بطنه و الثلاجة ساقطة فوقه بينما الدماء تنزف من رأسه و هو يصرخ:- عليكما اللعنة ، أخرجاني من هذه الأشياء الساقطة حولي أيها الأوغاد .
الساعة السادسة و النصف
أمسك المحمول و طلب رقما ثم انتظر حتى سمع صوت محدثه فصاح:- مدام عنايات لن تصدقي ما حدث. . سقط زوجك من السقالة فوق امرأة تعبر الشارع ، هل تعلمين ما حدث .. معجزة يا سيدتي .. ماتت المرأة بينما انكسر كتف زوجك فقط
سمع المرأة على الهاتف المحمول تصرخ:- الحمد لله ، لا عائل لنا سواه .. إنه يكافح من أجل أولادنا ، الحمد لله على كل شيء
الساعة السادسة و النصف
نظرت لزوجها في القسم قائلة بمقت :- كنت ذاهبا لتقابل داعرة كعادتك
قال نادما:- لم أعرف أن هذا سيحدث
قالت ببرود ثلجي:- طوال عمري مخلصة لك ، لا أدري لماذا كنت تخونني دائما.
قال و هويدفن وجهه بين كفيه:- لم أتوقع يوما أن هذا سيحدث
قالت و هي تشعل سيجارة:- ماذا سيقول أولادك عندما يكبرون و يعرفون أن أباهم قتل شخصا بالخطأ عندما كان يقود بجنون متلهفا على ليلة حمراء مع راقصة داعرة.
الساعة السادسة و النصف
توقفا عن الجرس و هما يلهثان فقال أحدهما كل هذه المصيبة بسسب طوبة
قال زميله:- كان وقتا ممتعا
قال الآخر:- انظر شلبي قادم
جاء شلبي و هو يقول:- ازيكم يا ولاد ال(.......) معايا سيجارة بانجو حنخمس فيها احنا التلاتة
جلسوا جميعا أسفل أحد الكباري ثم أخذوا يدخنون السيجارة و يسحبون دخانها على صدورهم في استمتاع و هم يمزحون مع بعضهم بسباب سوقي فاحش
الساعة السابعة إلا ربع
التقط بفمه قالب لانشون كان ارتطام سيارة النقل بالكشك قد قذفه بعيدا ثم عدا بسرعة عائدا لأنثاه .. وضع القالب أمامها فأخذت تأكل منه بنهم مما جعله يدور حولها و ينبح بحبور و سعادة
NMF