ينسب اليهود إلى يهوذا، أحد أولاد يعقوب الاثنى عشر (الأسباط فى القرآن الكريم)، ويعقوب هو إسرائيل. ثم أصبحت كلمة يهودى تطلق على كل من يدين باليهودية.
وكان يعقوب (إسرائيل) قد هاجر هو وعشيرته من أرض كنعان (فلسطين وما إليها) إلى مصر حوألى القرن 17 ق.م ، وكان عددهم سبعين نفسا، تحت ضغط المجاعة والجفاف (سفر التكوين ، إصحاح 46 فقرة 27) واستقبلهم يوسف عليه السلام، وكان "وزيرا" لدى ملك مصر، فأكرم وفادتهم، وأقاموا فى ناحية جاسان (وادى الطميلات بالشرقية) (التكوين ، إصحاح 47 فقرة 11).
وخلال ما يقرب من أربعة قرون من إقامتهم فى مصر، انقسم بنو إسرائيل (يعقوب) إلى اثنتى عشرة قبيلة، كل منها نسبة إلى واحد من الأسباط الاثني عشر.
وعندما بعث موسى برسالة التوحيد إلى بنى إسرائيل وفرعون مصر وقومه ، ق 14-13 قبل الميلاد تقريبا، آمن بها بنو إسرائيل إلا قليلا منهم. وهنا نشأت الديانة اليهودية.
وكان لابد من الصدام مع فرعون وقومه ، فخرج بنو إسرائيل من مصر (البقرة 49،50) ، (طه 77-88)، وانظر (إصحاح 13-14 من سفرالخروج) حوالي 1280 ق.م فى عهد فرعون مصر رمسيس الثانى على ما يرجح.
وبعد خروج اليهود من مصر الفرعونية إلى الصحراء (سيناء)، أغاروا بقيادة يوشع (خليفة موسى) على أرض كنعان ، واستقروا بها.
وبعد وفاة سليمان انقسمت مملكة داود (أسسها عام 990 ق.م) إلى مملكتين: إسرائيل فى الشمال ، ومملكة يهوذا فى الجنوب (922 ق.م)، ونشبت بينهما حروب طويلة إلى أن دهمهم بختنصر ملك بابل، حين أغار على فلسطين مرتين فى 596، 587 ق.م ، وأخذ عددا كبيرا منهم إلي بابل ، وظلوا هناك حوالى خمسين عاما، تعرف فى تاريخ اليهود بالأسر البابلى.
فلما تغلب كورش ملك الفرس على البابليين (538ق.م)، أطلق سراح الأسرى الذين عادوا إلى فلسطين ولكن دون دولة، إذ خضعوا للفرس ، ومن بعدهم لخلفاء الإسكندر المقدونى (انطيوخوس)، ثم إلي الرومان.
وفى تلك الأثناء ترك عدد منهم فلسطين إلى جهات مختلفة فى آسيا وأوربا.
وفى عام 135م أخمد الرومان فى عهد الإمبراطور هدريان ثورة قام بها اليهود فى فلسطين هدم على أثرها هيكل سليمان، وأخرج اليهود من فلسطين، وكان عددهم حوالى خمسين ألفا ، وبدأت رحلة الشتات الكبير Diaspora.
وقبل الشتات الكبير كان اليهود الذين غادروا فلسطين إلى أوروبا استوطنوا حوض نهر الراين الشمالى والأوسط ، واجتهدوا فى نشر اليهودية بين الوثنيين هناك بين الجرمان والسلاف.
وبعد الشتات انتشروا فى آفاق كثيرة بين أجناس مختلفة فى فارس وتركستان والهند والصين عن طريق القوقاز، وفى العراق ومصر وبرقة وشمال إفريقية، وشبه جزيرة إيبريا (إسبانيا والبرتغال) والجزيرة العربية حتى اليمن ، والحبشة، وفيما بعد فى أجزاء من إفريقيا السوداء. وقد أدى هذا إلى اعتناق عناصر وسلالات بشرية كثيرة لليهودية.
وهذا التعدد العنصرى فى حد ذاته ينفى مقولة: إن اليهودية قومية، كما ينفى أيضا مقولة "معاداة السامية" التى يشهرها اليهود كلما وقعوا فى كارثة، لأن انتشار اليهودية على ذلك النحو أوجد أجيالا تدين باليهودية ولكن ليسوا من الساميين أصلا.
وفى المجتمعات التى عاش فيها اليهود قبل الشتات الكبير وبعده ، كانوا على هامش المجتمع بسبب اختلاف عقيدتهم عن الآخرين ، ومن هنا كانوا دوما أقلية منعزلة ذاتيا تعيش فى مكان خاص (حارة-جيتو)، ولم يتبوؤوا مراكز الحكم ، فانصرفوا إلى النشاط الاقتصادى، وسيطروا على أسواق المال والتجارة.
ولما بدأ عصر الدولة القومية فى القرن التاسع عشر، بدأ يهود القارة الأوروبية التفكير فى وطن خاص يجمعهم وينقلهم من هامش المجتمعات التى يعيشون فيها ليصبحوا قوة مركزية، وهو الأمر الذى تم فى عام 1948 ، بعد تكوين المنظمة الصهيونية العالمية بمقتضى مؤتمر بازل فى 1897.
ولليهود تسعة وثلاثون سفرا من أسفارهم معتمدة يطلق عليها "العهد القديم" وهى أربعة أقسام:
(1) التكوين: ويختص بتاريخ العالم .
(2) والخروج: ويختص ببنى إسرائيل فى مصروخروجهم منها.
(3) والتثنية: ويختص بأحكام الشريعة اليهودية، وسفر اللاويين ويختص بشؤون العبادات .
(4) وسفر العدد: ويختص بإحصاء اليهود لقبائلهم وجيوشهم وأموالهم.
أما القسم الثانى من العهد القديم: فيتكون من اثنى عشر سفرا، خاصة بتاريخ بنى إسرائيل بعد استيلائهم على أرض كنعان .
والقسم الثالث من خمسة أسفار تختص بالأناشيد والعظات ، والرابع من سبعة عشر سفرا كل منها يختص بتاريخ نبى من أنبيائهم بعد موسى.
أما التلمود: فهو مجموعة شروح للشرائع المنقولة شفاهة عن موسى وتلمودان: واحد تم تدوينه فى فلسطين ، والثانى كتب فى بابل.
وأنقسم اليهود إلى أكثر من فرقة، اختلفت فيما بينها حول الأخذ بأسفار العهد القديم والأحاديث الشفوية لموسى أو إنكار بعضها. وأهم هذه الفرق خمس فرق:
الفريسيون (الربانيون)، الصدوقيون ، والسامريون ، والحسديون (المشفقون) ، والقراؤون (الكتابيون المتمسكون بالأسفار ، ويعرفون أيضا بالعنانيين نسبة إلى مؤسسها عنان بن داود).
ولم يبق من هذه الفرق إلا الربانيون والقراؤون، وبينهما اختلافات شديدة حول الطقوس والشرائع والمعاملات.
أما اليهود المعاصرون فينقسمون بين "سفارديم": وهم اليهود الشرقيون ـ بما فيهم ذوى الأصول العربية والأسبان والبلقان ، و"أشكنازيم": وهم اليهود الغربيون.
-------------
مراجع الاستزادة: 1- مقارنة الأديان (اليهودية) أحمد شلبى، القاهرة 1982م. 2- اليهود انثروبولوجيا د/جمال حمدان ، القاهرة 1967م. 3- الفكر الدينى الإسرائيلى. حسن ظاظا ، القاهرة 1971م. 4- اليهودية واليهود ، على عبد الواحد وافى، القاهرة 1981م. 5- الاستعمار والمذاهب الاستعمارية محمد عوض محمد ط4 القاهرة 1957م.