???? زائر
| موضوع: بسنت ... الجزء الأول الجمعة أبريل 03, 2009 1:47 am | |
| بسنت اسمى بسنت ولدت فى عام ثلاثة وثمانون وتسعمائة وألف أى أنى أبلغ من العمر حالياً خمس وعشرون عاماً...ولدت لأب يعمل مهندساً فى إحدى شركات البترول متعددة الجنسيات وأم تعمل مدرسة للغة الإنجليزية أما عن أشقائى فلى ثلاثة أحمد الذى يكبرنى بعامين ومتخرج من نفس كليتي التجارة شعبة اللغة الإنجليزية وميساء التى تصغرنى بثلاثة أعوام فى السنة النهائية من كلية الآداب قسم الفلسفة وعمر أصغرنا جميعاً وهو فى السنة السادسة الإبتدائية...منذ ثلاثة أعوام مرضت أمى مرضاً شديداً أهمنا وأذلنا أمام قسوة الحياة وظلت أمى فى صراع مع المرض إلى أن توفاها الله فى ليلة باردة من ليالى الشتاء...يومها صرخت بجنون وانتحب أحمد بشدة فقد كانت أمى تمثل لنا الحضن الدافئ بكل ما تعنية الكلمة من معان...كانت تذاكر لنا وتطبخ لنا فى أنصاف الليالى أثناء الامتحانات وتأبى النوم إلا بعد أن نعود من الامتحانات لنطمئنها على الأسئلة والإجابات...رغم مرض أمى إلا أنها كانت قوية بحق كانت تذهب للمدرسة لتمارس وظيفتها متحدية آراء كثير من الأطباء ونصحهم لها بالخلود إلى الراحة.قلت لها يوماً أن ترتاح فكانت إجابتها قاطعة: هناك رسالة يجب أن أؤديها فى الحياة لا قيمة للمرء بدون عمل يتقنه. كانت تمثل لنا المثل الأعلى بعد أبى الذى يذهب للعمل فى السويس لأسبوعين ويمكث معنا الأسبوعين التاليين ليضفى على منزلنا جواً من البهجة والسرور.بالنسبة لإخوتى فقد ورثوا جمال أبى وأمى...ورث أحمد شعر والدتى البنى الناعم والعينان اللوزيتان والجسد الضخم الفارع الطول ورثت ميساء ملامح أبى الهادئة بشعرها الأسود الفاحم والبشرة البيضاء أما عن عمر فقد أخذ من هذا ومن ذاك...ولدت أنا بتشوه خلقى فى وجهى يتمثل فى تباعد عيناي عن أنفى نوعاً ما مما أضفى علي منظراً بشعاً.. كانت امى تدعو الله دائماً وهى تصلى الفجر أن يرزقنى بالزوج الطيب الصالح الذى يسعدنى لكنه لم يأت أبداً...قبل وفاة أمى بعام تقدم لخطبة ميساء ضابط شرطة بيد أن اهلى رفضوه بحجة أنها لا تزال تتعلم وأن أختها الكبرى لابد أن تتزوج أولاً...كنت أعلم أن أهلى جميعاً مقتنعون بأن من الصعب على أن أتزوج وأنا أمتلك مثل هذه الملامح لكن رأفة بحالى لم يصارحنى أحد منهم بذلك وسمعت أحمد يوماً يقول لميساء من خلف الباب المغلق بغضب: لا تتحدثى مثل هذه اللهجة عن شقيقتك الكبرى. قالت ميساء لحظتها: إن انتظرت زواج أختى فلن أتزوج أبداً. غادر لحظتها أحمد الغرفة بغضب فإذا به يفاجأ بى فى وجهه.. نظر إلى وجهي الممتلئ بالحزن ثم نظر إلى الأرض وهو يجز على أسنانه قائلاً: توقعت هذا، كان صوت الحمقاء عالياً. ثم وضع يده اليمنى على كتفى قائلاً بحنان: فلنذهب للشرفة.. جلسنا فى الشرفة وقام بتحضير كوبى شاي لنا فبادرته قائلة: متى ستعلن الخطبة؟قال مبتسماً: انتظر فقد تعديل المرتب الذى وعدنى به مديرى منذ شهرين.قلت: نهاد فتاة طيبة وأى شاب يتمناها.قال وهو يرتشف رشفة من الشاى: معك حق.تابعت: وجميلة.نظر إلى الشرفة ثم نظر إلى الشارع الممتلئ بالسيارات قائلاً: لا تحملى الأمر أكبر من طاقته.قلت بحسرة: أنا أتألم من صغرى.قال: وهل تركناك يوماً هل جعلناك تحسي بتلك الأحاسيس ذات يوم ..والدتك منذ صغرك تحبك أكثر منا.قلت: يرجع ذلك لدمامة وجهى.قال بضجر: كنت مُهجة قلب والدتى بغض النظر عن الأسباب ولم تشعرى يوماً بأننا متضايقين من ذلك إضافة إلى أن جميع إخوتك يحبونك بجنون.قلت والدمع يملأ المآقي: أنا أسفة لأنى أشركتك فى همى.نظر إلي ثم قام من على كرسيه وأمسك يدى بقوة ثم جذبنى إليه لأفاجأ بنفسى بين ذراعيه... دفنت وجهى فى صدره وأخذت أبكى فقال بهدوء: ابكى كما تشائين ولكن يجب أن تعرفى أن لك أخاً لن يتركك أبداً تستسلمين للحزن والمعاناة.************** عاد أبى من عمله بالسويس محضراً لنا بعض الملابس والحلوى قلت بسعادة: أنت لا تنسى الهداياً أبداً.قال ضاحكاً: أنا لا أنساكم أبداً فأنتم أعز ما أملك.قال عمر الصغير وهو يلكمه: أين قفازات الملاكمة؟أمسك أبى قبضته الصغيرة براحته قائلاً: لقد نسيتها أنا أسف.سأحضرها لك المرة القادمةقال عمر مغتاظاً: بل ستذهب معى لشرائها من وسط البلد.قال أبى بهدوء: أعدك.ثم حول نظره إلي: لا أدرى إن كنت أقول الحقيقة أو إنى أتوهم ذلك كلما نظر أبى إلى تختفى السعادة من عينيه ويحل محلها الفتور والحزن.قال: بسنت أريد أن أتحدث معك.قلت: أنا رهن إشارتك.قام وهو يقول: لنذهب إلى غرفتي.دخلنا الغرفة وأغلق الباب ثم قال ببرود أقسى من الثلج: ميساء فى السنة النهائية وهى مرتبطة عاطفياً بشاب يكبرها بعامين يعمل فى إحدى شركات الاتصالات.قلت باندفاع: أنا لم أطلب منكم أن تؤجلوا زواجها لحين زواجى فذاك أمر يطول.قال: هلا خفضت صوتك لئلا يسمعنا أحد.قلت: حاضر يا أبى.استطرد قائلاً: سيأتى غداً لإعلان ميعاد الخطبة.قلت: ذاك أمر لا يعنيني.قال بضيق: ألا تفرحى لأختك، إنها تكاد تطير من السعادة إلا أنها تخشى أن تصارحك بشئ.قلت: سأذهب وأبارك لها.قال: هذا واجب يا ابنتى.خرجت من الغرفة لأقول لميساء: مبارك يا أختى.نظرت إلى بدهشة انقلبت إلى سعادة وهى تحتضنى قائلة: بوركت يا شقيقتى الكبرى عقبالك.جاء العريس فى اليوم التالى وحق يقال أنه وسيم للغاية قال أبى له: هل عندك شقة يابنى.قال الشاب بثقة: نمتلك بناية فى الدقى ولى شقة فيها.قال والدى: إذن فلنتفق على إعلان الخطبة بعد أسبوعين لكن لماذا لم تحضر أهلك.قال الشاب بحرج بالغ: والدى يعمل فى الخليج وأمى مريضة.قال والدى: أدعو الله لها بالشفاء العاجل.تمت الخطبة بعد أسبوعين بدت فيها شقيقتى ميساء كبلورة من الماس أثناء الحفلة بينما أحسست أنا بالنظرات اللعينة التى تحيط بى وسمعت جملاً على غرار.هل هذه أخت العروسة؟ إنها لا تشبهها؟ لو كانت العروسة بهذا الحال لما تزوجت أبداً.تركت لحظتها الخطوبة متجهة إلى الحمام دامعة العينين وأنا أخشى على مكياجى الذى أحاول أن أجمل به نفسى.. خرجت من الحمام لأفاجأ بأخى الأكبر واقفاً على الباب مولياً ظهره له.قلت متسائلة: ما الذى جاء بك قرب هذا الباب إنه مكان مخصص للنساء.قال مبتسماً: نهاد فى الداخل وأنا أنتظرها.تمعن فى ملامحى لبرهة قبل أن يقول: كنت تبكين.قلت متعجلة: لا لا لم أكن أبكى.قال: أنا أعرف عيناك منذ أن كنا صغاراً لقد كنت تبكين. |
|